الاثنين، أكتوبر ٠٥، ٢٠٠٩

أزواج للبيع


في إحدى المدن تم افتتاح متجر لبيع الأزواج
حيث يمكن للمرأة الذهاب لاختيار زوج بنفسها
ومن بين التعليمات التي وضعت في المدخل
: حول أسلوب عمل المتجر
أن للمرأة فرصة الدخول مرة واحدة للمتجر -
ويمكن الاختيار من أحد الطوابق -
أو الذهاب إلى الطابق الآخر الأعلى منه -
ولكن لا يمكن النزول إلى أسفل -
دخلت إحدى النساء لمتجر الأزواج لاختيار زوج لها
: في مدخل الطابق الأول لوحة تقول *
الرجال هنا لديهم عمل ومؤمنون بالله
: وفي مدخل الطابق الثاني لوحة تقول *
الرجال هنا لديهم عمل ومؤمنون بالله ويحبون أطفالهم
: وفي مدخل الطابق الثالث لوحة تقول *
الرجال هنا لديهم عمل ومؤمنون بالله
ويحبون أطفالهم وشكلهم جذاب
: وقد وصلت إلى الطابق الرابع فوجدت لوحة تقول *
الرجال هنا لديهم عمل ومؤمنون بالله
ويحبون أطفالهم وشكلهم جذاب
ويساعدون زوجاتهم في أعمال المنزل
فتعجبت في خلجات نفسها
يا إلهي إني لا أستطيع التحمل سأوافق
ولكنها استمرت بالصعود
: وفي مدخل الطابق الخامس وجدت لوحة تقول *
الرجال هنا لديهم عمل ومؤمنون بالله
ويحبون أطفالهم وشكلهم جذاب
ولهم قابلية رومانسية عالية لمغازلة زوجاتهم دائماً
وكادت أن تطأ قدمها ذلك الطابق إلا أنها استمرت بالصعود
: وفي مدخل الطابق السادس وجدت لوحة تقول *
أنـت الـزائـرة رقـم 4.363.012
ليس هناك أي رجل في هذا الطابق
لأن هذا الطابق وجد خصيصا
كبرهان أن النساء لا يمكن إرضائهن
شكراً للتسوق في متجر الأزواج
وانتبهي لخطواتك وأنتِ تخرجين
ونتمنى لكِ يوما سعيداً

الفضائل والرذائل

في قديم الزمان


حيث لم يكن على الأرض بشر بعد....


كانت الفضائل والرذائل.... تطوف العالم معا وتشعر بالملل الشديد....


ذات يوم ولحلٍ لمشكلة الملل المستعصية اقتراح الإبداع لعبة.... وأ
سماها الأستغـماية....


أحب الجميع الفكرة وصرخ الجنون أريد أن ابدأ أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العد....


وأنتم عليكم مباشرة الاختفاء....


ثم اتكأ بمرفقيه على شجرة.... وبدأ العد.... وبدأت الفضائل والرذائل


بالاختفاء....

فوجدت الرقة مكانا لها فوق القمر....


وأخفت الخيانة نفسها في كومة نفايات....


ودلف الولع بين الغيوم....


ومضى الشوق إلى باطن الأرض....


وقال الكذب بصوت عالٍ سأختفي تحت الشجرة ثم


توجه لقعر البحيرة....


واستمر الجنون بالعد حتى المائة واختفت كل الفضائل والرذائل....


ما عدا الحب.... كعادته لم يكن صاحب قرار وبالتالي لم يقرر أين يختفي وهذا غير مفاجئ لأحد.... فنحن نعلم كم هو صعبٌ إخفاء الحب....


إلى أن قفز تحت أكمة الورد واختفى بداخله….


فتح الجنون عينيه وقال


أنا آتٍ إليكم….


فكان الكسل أول من انكشف لأنه لم يبذل جهدا للاختفاء…. وهذا طبعه….


ثم ظهرت الرقة المختفية في القمر….


وبعدها خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس…. وأشار على الشوق أن يخرج من باطن الأرض….


وجدهم الجنون جميعا ما عدا الحب…. كاد أن يصاب بالإحباط واليأس في بحثه عن الحب….


إلى أن جاء الحسد وهمس في أذن الجنون عن مكان الحب


التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح وبدأ بطعن شجيرة الورد بشكل طائش ولم


يتوقف إلا عندما سمع صوتا يمزق القلوب….


فظهر الحب وهو يحجب عينيه بيديه والدم يقطر من بين أصابعه….


صاح الجنون نادما….


يا إلهي ماذا فعلت؟؟؟؟


ماذا افعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر؟؟؟؟


أجابه الحب….


لن تستطيع إعادة النظر إلي


ولكن لا زال هناك ما تستطيع فعله لأجلي….


كن دليلي….


وهذا ما حصل من يومها…. يمضي الحب الأعمى!! …. يقوده الجنون….

السبت، سبتمبر ١٩، ٢٠٠٩

لا تصالح - للشاعر أمل دنقل

الشاعر/ أمـــــــــل دنقــــــــــــل

من بدائع الأدب العربي المقاوم ما سطرته انامل الشاعر أمل دنقل أثناء توقيع اتفاقيات السلام المصرية الإسرائيلية و التي اسماها " مقتل كليب و الوصايا العشر " و التي اشتقها من التراجيديا العربية الشهيرة الموسومة بـ ( حرب البسوس ) ثم اشتهرت بين العامة باسم قصيدة (لا تصالح ) وقد أعجبت بها مما حدا بي إلى عرضها على زوارنا الكرام يقول أمل دنقل :ـ

فنظر "كليب" حواليه وتحسَّر، وذرف دمعة وتعبَّر، ورأى عبدًا واقفًا فقال له: أريد منك يا عبد الخي
ر، قبل أن تسلبني، أن تسحبني إلى هذه البلاطة القريبة من هذا الغدير؛ لأكتب وصيتي إلى أخي الأمير سالم الزير، فأوصيه بأولادي وفلذة كبدي
فسحبه العبد إلى قرب البلاطة، والرمح غارس في ظهره، والدم يقطر من جنبه.. فغمس "كليب" إصبعه في الدم، وخطَّ على البلاطة وأنشأ يقول ..
"مفتل كليب والوصايا العشر"


(1)
لا تصالحْ !
.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي - بين عينيك - ماءً ؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس - فوق دمائي - ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب ؟
إنها الحربُ !
قد تثقل القلبَ ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ ..
ولا تتوخَّ الهرب !


(2)
لا تصالح على الدم .. حتى بدم !
لا تصالح ! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك ؟!
أعيناه عينا أخيك ؟!
وهل تتساوى يدٌ .. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك ؟
سيقولون :
جئناك كي تحقن الدم ..
جئناك . كن - يا أمير - الحكم
سيقولون :
ها نحن أبناء عم.
قل لهم : إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!


(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر ..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل - في سنوات الصبا -
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها - وهي ضاحكةٌ -
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن .. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها - ذات يوم - أخٌ !
من أبٍ يتبسَّم في عرسها ..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها ..
وإذا زارها .. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة ..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا .. فجأةً ،
وهي تجلس فوق الرماد ؟!


(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ ..؟
وكيف تصير المليكَ ..
على أوجهِ البهجة المستعارة ؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف ؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم - الآن - صار وسامًا وشارة
لا تصالح ،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك : سيفٌ
وسيفك : زيفٌ
إذا لم تزنْ - بذؤابته - لحظاتِ الشرف
واستطبت - الترف


(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
" .. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام .."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس ؟
كيف تنظر في عيني امرأة ..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها ؟
كيف تصبح فارسها في الغرام ؟
كيف ترجو غدًا .. لوليد ينام
- كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر - بين يديك - بقلب مُنكَّس ؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس ..
واروِ أسلافَكَ الراقدين ..
إلى أن تردَّ عليك العظام !


(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي - لمن قصدوك - القبول
سيقولون :
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ - الآن - ما تستطيع :
قليلاً من الحق ..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة !


(7)
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ .
لم أكن غازيًا ،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه" !
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ !
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..
واهتزَّ قلبي - كفقاعة - وانفثأ !
وتحاملتُ ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ : ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ


(8)
لا تصالحُ ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجة الأهل - صوتُ الحصان - التعرف بالضيف - همهمة القلب حين يرى برعمًا في الحديقة يذوي - الصلاة لكي ينزل المطر الموسمي - مراوغة القلب حين يرى طائر الموت وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًّا
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة

لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة !


(9)
لا تصالح
ولو وَقَفَت ضد سيفك كلُّ الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد
وامتطاء العبيد
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم،
وسيوفهم العربية، قد نسيتْ سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك .. المسوخ !


(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ



أمل دنقل نوفمبر "تشرين الثاني" 1976

الجمعة، فبراير ٢٠، ٢٠٠٩

ربيـــــع العمـــــر " خواطـــــر مُســـــن"

ربيـــــع العمـــــر

" خواطـــــر مُســـــن"


بقلم /عبد الله إسماعيل أبو سيف

كتبت في 25 / 10 / 2004


منذ أن بلغت الخامسة والخمسين من عمري وقد بدأ الشيب الأبيض يغزو معاقل السواد برأسي بدأت أتحسس الخطى إليه لم أكن فيما مضى أعيره أي اهتمام لكني رأيت تلك العجلة من أمره فأخذت أراقبه وقد بدأ يلملم أوراقه ومتاعه من حولي "نعم أنه ربيع العمر" أنه يستعد للمغادرة، وقتها أصبح هو شغلي الشاغل، حاولت جاهداً في أن أجعله ينتظر قليلاً لم أكن أعلم بعد سبب مخاوفه وإصراره المستميت علي المغادرة مبكراً يبدو أن هناك سبباً أجهله وهو يعلمه جيداً، يبدو أنه قد بدا مثلي يترقب ظهورها بين الحين والحين، نعم فقد حان موعد لقاء ثلاثتنا المحتم.

ففي بادئ الأمر كنت أسمع تلك الطرقات الخفيفة - والتي ظننت أني أسمعها وحدي لكنه كان يسمعها معي وأنا لا أعلم – ثم لم تلبث أن بدأت تلك الطرقات تزداد وضوحاً وسرعة وحدة إلى أن أصبحت ضجيجاً لا يحتمل وما أن حانت لها الفرصة بدأت في المضي نحونا فلا عوائق تمنعها ولا موانع تحول دون شأنها وفي لقاءنا الأول وجدتها كما أعرفها جيداً تقترب رويداً رويدا نحو هدفها تنسج عليه تجاعيدها وتنحت من معالم السنون بكل قسوة دون هوادة ما لم يمكن محوه وتترك في النفس جرحاً غائراً لا يندمل قلما يمكن تداويه لقد كانت شيئاً ظننت وقتها أنه بشعاً لقد بدأت بالفعل في قتله "نعم إنها هي الشيخوخة"؛ قاتل الله الشيخوخة كما قتلت ربيع العمر هجمت علية كوحش كاسر وأخذت تطعن فيه بكل شراسة وتغرس مخالبها في قلبه وكأن بينهما ثأراً قديماً, حاولت منعها والذود عما تبقى من ربيع العمر لكن هيهات قد باءات محاولتي المضنية جميعها بالفشل حينها كسا الحزن مظهري ورأيت العمر كبساط يسحب من تحت أقدامي.

أما الآن وقد مر علي عقدٌ آخر من الزمن وصرت في الخامسة والستين من عمري اكتشفت أني كنت مخطئاً في كل تخيلاتي فلم يكن أحد ليهرب من آخر ولم تكن هنالك جرائم قتل عمداً أو خطأً ولم تكن هنالك يوماً شراسة أو قسوة.

بل كان كل ما حدث هو قدري الإنساني في مروري بحياة طبيعية جداً جداً .. وكل ما مضى كان نتاج تلك المخاوف التي كان يرعاها بداخلي خوفي الأكبر من أعراض الشيخوخة وتوابعها من ثقل في الحركة وتخلي الذاكرة ومروري بحدث الخروج على المعاش وتوهم فقداني لأصدقاء العمر والتعرض للوحدة والنسيان في ظل هجر الأبناء.

أما الآن بعد أن توجهت إلي الله حاملاً ما تبقى من مخاوفي أبدو بحياة جيدة وصحة لا بأس بها فقد غمرني كم هائل من السكينة والطمأنينة وراحة النفس والمزيد من الرضا والقناعة وكثير من الأصدقاء و الخلان مع قليل من أعراض الشيخوخة...،